الباروك – الفريديس… حيث تُروى الحكاية بالكلمة والصورة

زلفا عسّاف
في قلب قضاء الشوف بمحافظة جبل لبنان، وتحديدًا بين أحضان الباروك – الفريديس، كان لي شرف المشاركة في يوم إعلامي مختلف، لم يكن مجرّد جولة، بل رحلة لاكتشاف الجمال المجبول بالكرامة، والطبيعة المحكيّة بلغة الاعلام وعدسة كاميرته الثاقبة.
بدأنا من مركز الباروك الصحي الحكومي، ذاك الصرح الذي وُلد من عطايا الخير بدعم من مؤسسة الوليد بن طلال الإنسانية. هناك، كان الاستقبال حافلاً، برئاسة رئيس بلدية الباروك-الفريديس الدكتور فادي محمود، والمجلس البلدي، ووجوه من أهل البلدة. في كلمته، أضاء الشيخ رجا محمود على أهمية المركز، مشيدًا بالجهود التي بُذلت لإنشائه، وبرعاية بلدية الباروك والفريديس التي كانت الحاضن والداعم الأساس. فيما عرض الدكتور يوسف حلاوي، مدير المركز، باختصار عميق دور هذا المرفق الحيوي، مؤكدًا أن الهدف الأساس هو أن تظل صحة الإنسان وكرامة المريض فوق كل اعتبار.

الطبيعة منحتنا بعدها استراحة قصيرة في “جنينة ياسمينا”، حيث استقبلنا هادي عنيسة وخالد محمود بحفاوة قروية أصيلة. هناك، بين الخضرة وهمسات النسيم، كان للسكينة طعم مختلف.
ثم سرنا نحو نبع الباروك، عينه الذي كان ينضح بالحياة، لكنه اليوم يعاني من الشح. رغم ذلك، سمعنا من رئيس البلدية عن رؤية واضحة لمشاريع تنمويّة وسياحيّة ستُقام على ضفاف النهر، تهدف إلى تنشيط السياحة وإعادة الحياة إلى هذا المَعلم الطبيعي.
تلتها واحدة من أبرز المحطات الثقافية في الرحلة: زيارة إلى مركز الشاعر رشيد نخله الثقافي، مؤلف النشيد الوطني اللبناني. جُلنا في أقسامه، وتعرّفنا إلى ملامح حياته، ومحطات أضاء فيها الوطن بقلمه. لم تكن الزيارة مجرد مرور، بل تواصل حي مع الإرث الشعري والثقافي الذي تركه هذا الرجل في ذاكرة لبنان.
ثم كانت جولة في القصر البلدي حيث تعزم البلدية برئاسة الدكتور فادي محمود على إطلاق مشاريع قريبة هادف الى نماء المنطقة.
وشكر د. محمود الإعلاميين مساهمتهم في عكس الصورة الجميلة عن الباروك، ودعمهم لهذه المنطقة التي تختزن الكثير من التاريخ والطبيعة.

بعدها زرنا مؤسسة الشيخ أبو حسن عارف حلاوي الخيريّة، إحدى المرجعيّات الدينيّة البارزة في القرن العشرين، فوقفنا على إرثه وعطائه في خدمة الناس والدين، وعلى المكانة التي لا تزال مؤسسته تحتفظ بها في الذاكرة العامة والوجدان الشعبي.
ثم رافقنا الوفد إلى كنيسة مار جرجس المارونية، التي يعود تاريخها إلى عام 1700. لحظة روحانية غنيّة بالتراث، ازدادت دفئًا بأنغام “كورال صدى الجبل” القادم من كفرنبرخ، الذي أدى مقطوعات موسيقيّة، شكّلت خلفية مؤثرة لهذه المحطة الروحيّة.

ثم حللنا ضيوفًا على المقام الديني الذي يحمل اسم الشيخ ابو عارف حسن حلاوي، احد المرجعيّات الدرزيّة الهامة في القرن العشرين.
ولأن زيارة الشوف لا تكتمل دون المرور على القلب الأخضر للبنان، كانت لنا جولة في “محميّة أرز الشوف”، أكبر امتداد للأرز جنوبًا، حيث استمعنا إلى شرح غني من منسق السياحة البيئيّة عمر أبي علي، عن أهمية هذه المحمية، كمساحة بيئيّة وثقافيّة ترمز إلى هويّة لبنان العميقة.

أما الختام، فكان على المائدة اللبنانية في “مطعم شلالات الباروك”، بضيافة عماد ومالك محمود، حيث امتزجت النكهات مع أصوات الفرح، على أنغام الزفة الفولكلورية التي قدّمتها “SMA البتلون”، فرقصت الذاكرة على إيقاع التراث.

رحلة حملت بين حناياها حب الأرض، وكرم أهلها، وإصرارهم على أن تكون الصورة التي تنقل عن الباروك، دائمًا بهيّة.











