ليست الحياة سوى معركة كبرى في الوجود

بقلم ليندا حمورة
ليست الحياة سوى معركةٍ كبرى، تتكسّر فيها الأرواح على صخور التجربة، ويصطخب فيها القلب بين رياح الخيبة ونبوءات الرجاء… معركة لا تبدأ بقرع الطبول، بل بصراخ الولادة، ولا تنتهي بانتصارٍ ولا هزيمة، بل بانطفاء الشمعة الأخيرة في زوايا الجسد.
نولدُ، وبعضُنا في فمهِ ملعقةٌ من ذهبٍ مسكوبٍ من امتيازاتٍ لم يخترها، وآخرون يُولدون وليس في أفواههم سوى صرخةٍ بلا صدى، وجوعٍ لا يملكه حتى لقمته الأولى.
هكذا تقسم الحياة أنصبتها، لا على ميزان العدل، بل على كفّ غيبٍ لا نفقهه، فنمشي في دربٍ فيه البشر متساوون في الخَلق، مختلفون في النصيب… عدالة السماء كامنة، أما عدالة الأرض فخدعةٌ لطيفةُ التغليف، جارحةُ المضمون.
وإذ نسير على الحافة بين الولادة والموت، يبقى السؤال معلقًا في سقف الروح: ما الغاية من حياةٍ نعلم مسبقًا أن نهايتها فناء؟ ما المعنى من سعيٍ دائم إذا كانت النهايات كلها واحدة، تُطفئ ضوء العين وتردّ الكل إلى التراب؟
لكنَّ العارفين قالوا:
ليست الغاية أن تهرب من حتمية الموت، بل أن تعبر الحياة بوعي من لا يخاف الموت، أن تجعل من كلّ وجعٍ سلّمًا، ومن كلّ خيبةٍ درسًا، ومن كلّ لحظةٍ مؤقتة، أثرًا لا يزول.
المعركة الحقيقية ليست مع الحياة، بل مع الذات… أن تحيا دون أن تفقد إنسانك الداخلي، أن تسير في وادي الشوك حافيًا، ومع ذلك، لا تزرع شوكًا في درب غيرك. أن تموت مرارًا، لكن لا تدفن قلبك حيًّا. أن تفنى، لكن لا تنكسر…