تزاوج ما بين الخطوط و ” ألوان 2″
تُحيط بك من كل حدب وصوب فتحاكيك بألوانها وخطوطها وأبعادها المليئة بالمعاني والرؤى، وما عليك سوى أن ترمقها، لتسحرك بشغف ألغازها، فتقع بلا شك في فخّ أسرها من النظرة الأولى. أشكال وألوان مُزجت بفنّ راقٍ، فرسمت "موزاييك" لوحات فنيّة متناثرة على طول الجدران في صالة الطابق الثالث من غاليري إدمون بطرس في الكرنتينا حيث كان الحدث. هناك التقى 33 فناناً من لبنان من نخبة الرسامين والنحاتين، وقد جمعهم رجل الأعمال إدمون بطرس تحت جناح الفن، في لفتة منه لإعطاء الإبداع حيّزاً فعالاً في وقت خفتت فيه أضواء الفن واشتاقت أعين الناس لترتوي من إشعاع الإبداع.
لوحات زيتية وأخرى تضجّ بالألوان الصاخبة ومنحوتات أرخت أجسادها على خشبة خلاص الفن الراقي. هناك حيث اختلط الفن الكلاسيكي بالحداثة وامتزجت أروقة المكان بنفحات تاريخية وأسطورية عذبة. هناك حيث تبتسم لك من الإطار، فتاة يافعة تعزف على البزق، ويستوقفك إطار آخر لسيارة من الحرب العالمية الأولى عالقة ما بين شيبة الثلج وحفيف أوراق الأشجار في غابة مكسوّة بالبياض. والى الناحية الأخرى، لوحات تعبر لك بوجوه مختلفة عن لحظة غضب، صرخة وجع ونظرة شاحبة. فيما يستقبلك إطار آخر، بقهقهاته الضاحكة لورود شذيّة عبقت في مخيلة مُبدعها… حكايا متنوعة أراد إيصالها كل فنان على طريقته الخاصة، فمزج فيها من روحه وخياله بريشة إبداع وألوان وألوان.
في معرض " ألوان 2" سجد الفن أمام هيبة الريشة، فتقاطرت الى جانب هواة الفنّ، حشود اجتماعية وممثلون عن القيادات العسكريّة ووسائل الإعلام. وقد رعى الاحتفال وزير الإعلام السابق الأستاذ طارق متري الذي افتتح المعرض وجال على الأجنحة العارضة وأبدى إعجابه بالنخبة الصاعدة من الشباب اللبناني وقدراته، كما أثنى على الأعمال المخضرمة المليئة بالأبعاد الراقية.
كذلك حضرت السفيرة الأميركية في لبنان السيدة مورا كونيللي فجالت بدورها على أرجاء المعرض وأبدت رأيها في أهمية إقامة مثل هكذا معرض، لما له من ثقل فنيّ وأبعاد ثقافية. أما اللافت في المعرض، فكانت مشاركة مميزة للطفل المعجزة " ميل- كريست هاشم" MEL- CHRIST HACHEM كأصغر رسّام في لبنان (5 سنوات) وقد اختارته اللجنة المنظمة والمشرفة على إقامة هذا المعرض، ليكون شاهداً جديداً على أهمية الفن ومدى شفافيته. وقد اختار هذا البرعم الصغير 17 لوحة من إبداعاته، وهو لا زال يدرس تقنيات الرسم للسنة الثانية على التوالي في معهد خاص، بتشجيع من قبل أهله الذين يحثونه على المضيّ قدماً في موهبته التي تلّمسوا شغفه بها منذ نعومة أظافره. لوحات رسمها هاشم بكل ثقة فترجم فيها رؤيته للوجوه بمختلف إيحاءاتها وتعابيرها، للورود بجماليتها، للمهرّج بطرقه المختلفة لانتزاع الضحك من أفواه الأطفال، للفتاة الجميلة التي لوّنها بأجمل الألوان ووضع لها الأكسسوار لتستعد للانطلاق الى سهرتها المنتظرة، الى الأشكال الهندسية التي مزجها في أطر الألوان المتداخلة المتناسقة بشكل يستريح إليها النظر، إضافة الى المنزل الذي يحلم بتشييده للمستقبل والشاحنة والشجر… ووراء كل لوحة حكاية رواها فاستفاض للإعلاميين عنها، وكأنه اعتاد فن الخطابة على المنابر. هذا كان غيض من فيض مما اكتنزه معرض
" ألوان 2" وللباقي تتمة قريبة في معرض " ألوان 3" الذي بوشر الإعداد لإطلاقه في المستقبل القريب
زلفا عسّاف هاشم