بين محبرة الألوان وريشة الإبداع… قطرات مزركشة خطّت ” ألوان 3″

دقت الساعة السادسة في التاسع من شهر حزيران 2011… وها هم المنظمون يراقبون أدق التفاصيل حتى اللحظات الأخيرة. العارضون يتهيأون لاعلان نقطة الانطلاق، والكلّ بات في حركة غير اعتيادية… صوّبت الأنظار نحو ذاك المدخل العملاق في محلّة الكرنتينا، حيث غاليري إدمون بطرس الراقي، فارتفعت أصوات موسيقى العازفين، لتزّف الحدث بفخر، وبدأ العدّ العكسي 0,1,2,3,4  .
هنا اختلطت أصوات الترحيب، فتزاوجت مع تلك النغمات الموسيقية المتصاعدة وسط ترحيب تعبيري "لتماثيل طليت بلون الذهب اللامع تعبيراً عن ريشة الرسامين" وقد جسدتها فتيات الاستقبال، لتزيد من أناقة الترحيب. خطت أولى خطواتها باتجاه الباب الرئيسي، فشمخت بطلّتها الآخاذة… كيف لا! وهي إبنة رجل الاستقلال رياض الصلح. وبضحكتها المعهودة وتواضعها المُحبب حيّيت الحضور…  أهلاً بتلك الرعاية الكريمة للوزيرة ليلى الصلح حماده… عبارة أطلقها رجل الاعمال وممثل الطائفة القبطية في لبنان، السيد إدمون بطرس، الذي أطلق معرض ألوان بجزئه الثالث، ليكون منبراً للفن الأصيل. تتالت عبارات الترحيب من قبل الحضور الكريم والفعاليات الفنيّة، الاجتماعية، الدينية، الاعلامية والأمنية التي حضرت للمشاركة في الاحتفال .
وبعد أن جالت الصلح في الطابق الأرضي حيث مجسّمات عيدان الكبريت من إبداع الفنان توفيق ضاهر، ومنها سفينة التايتنك التي دخلت موسوعة غينس للأرقام القياسية. توجهت نحو الطابق الثالث حيث صالة العرض، لتجول على أجنحة العارضين. هناك حيث أبدت اهتماماً ملحوظاً بتلك المواهب المحترفة والمخضرمة التي عرضت نخبتها الفنيّة في لوحات تحدثّت كلّ منها بلغتها الخاصة. ففي حين يبتسم لك إطار تخرج من بين حناياه رؤية معبرة بمخيّلة مبدعها، يستقبلك إطار آخر بترحاب خطوطه المتشابكة وبألوانه الأشبه بالموزاييك، ليجعلك تفسرّ معاني مضمونه، وفق ما يسقطه عليك من إيحاءات، منها الغامضة ومنها قد يكون سهل التفسير.. إلا أن تلك المعاني تحمّل في طيّاتها غنىً وأصالة وذوقاً رفيعاً. كما وتقبع في الجهة المقابلة، منحوتات من الشمع بألوان زاهية، جسّدت وجوهاً ومجسمات مختلفة.
أكملت السيدة الصلح، فجالت على الأجنحة حيث عرض اكثر من عشرين رساماً أعمالهم العابقة بالابعاد الراقية. وتوقفت مطولاً في الجناح الثاني من المعرض، حيث يعرض ذاك الطفل الصغير، ميل- كريست هاشم ذو الخمس سنوات، 20 لوحة من إبداعاته، فألقت عليه التحية كما عبّرت له عن إعجابها بلوحات جعلتها تتأثر وتمعن النظر أكثر فأكثر .. وما لبث ذاك الملاك ان تقدم نحوها بثقة ليقدّم لها لوحتين من أعماله. وبإعجاب كبير، بدت السيدة الصلح مندهشة من ذاك الواثق الذي استفاض بالاجابة على اسئلتها وكأنه اعتاد فن الخطابة. بقبلة وغمرة ودعته وتمنت عليه ان يثقل موهبته  ليصبح من كبار الفنانيين العالميين. وتجدر الاشارة الى أن اللجنة المنظمة، قد اختارت هاشم للمشاركة في المعرض للمرة الثانية على التوالي، كأصغر رسام في لبنان….
في معرض ألوان 3، نسجت كل لوحة روايتها الخاصة، لتعبث بشذى رسائل متنوعة أراد مبدعوها إيصالها على طريقتهم الخاصة. والى اللقاء في معارض أخرى، آملين في أن يصبح فن الرسم في لبنان قبلة ثقافية وسياحية ذات بعد سياحي ومستوى عالمي، تتغنى به دولتنا الكريمة فتجعل له ألف حساب وحساب. أما الأهم من كل ذلك، فيتمثل بأن تُخصص الدولة، لأصحاب تلك الأنامل الذهبية ، الكثير من الامتيازات والضمانات اللازمة، وتقدّم لهم الدعم  وفرص الاشتراك في المعارض  والمباريات العالمية على نفقتها الخاصة. فلبنان كان وسيبقى بلد الابداع والأدمغة الخلاّقة.

التغطية الاعلامية، إعداد النص  والتصوير من توقيع: زلفا عسّاف هاشم